25- حيرة على أبواب الجامعة

عمري ثماني عشرة سنة، أعيش مع أسرتى بين والدي وإخوتي في وضع مادي ميسور، وليس لدينا مشكلات أسرية بحمد الله.

مشكلتي تتعلق بتحصيلي الدراسي، حيث إني أدرس في السنة الثالثة في المرحلة الثانوية، وأطمح- باذن الله- في الالتحاق بكلية الهندسة التي يتطلب القبول فيها الحصول على معدل دراسي مرتفع.

منذ بداية هذه السنة الدراسية وأنا مشغول الذهن دائماً بهذا الأمر، وتدور فى ذهني تساؤلات مقلقة وملحة من قبيل: كم سيكون معدلي الدراسي في الثانوية العامة عند التخرج؟ وهل سأتمكن من دخول كلية الهندسة؟ وإذا لم أتمكن فما هو الاختيار الآخر؟ وإذا وفقت في دخول هذه الكلية هل سأواصل الدراسة دون صعوبات؟ وغيرها من التساؤلات التي أصبحت تتزايد مع قرب نهاية العام الدراسي فتزيد قلقي وتوتري النفسي والجسدي، مما أثر على صحتي فاضطرب نومي- سيما في الليل- وقلت شهيتي للطعام، ولاحظت والدتي ذلك فانشغلت بحالتي، والتي تزداد شدة مع قرب الامتحانات.

والدتي ترى أني مصاب بعين، وأحضرت لي (عزائم) (أوراقاً بيضاء عليها خطوط صفراء بالزغفران، أذيبها بالماء وأشرب منها)، أنا لا أتهم أحداً فيما يحصل لي، وكل ما أتمناه الآن أن تتحسن حالتي؟ كي أتمكن من اجتياز الامتحانات النهائية دون تعثر، فكيف لي أن أحقق ذلك؟

محمد. س- الرياض

" أنت يا أخي تمر بمرحلة دراسية حرجة جداً، لما ينبني عليها من تحديد مسار حياتك العملية فيما بعد، وربما وضعك الاجتماعي والمادي ونحو ذلك، فليس بمستغرب أن يحصل لك شيء من التوتر، والشد النفسي، والذهني، وارتفاع مستوى القلق، مما يؤدي إلى استقرار المشاعر إضافة إلى اضطراب النوم وضعف الرغبة في الطعام مع شيء من آلام جسدية، بسبب توتر العضلات، وقد يصاحب ذلك زيادة في إفراز العرق، وشعور بالحرارة أو البرودة في الأطراف، وعدم انتظام في التنفس أحياناً، وزيادة ضربات القلب، وآلام في البطن، وحموضة في المعدة وغير ذلك من أعراض أخرى متعددة، سببها استثارة الجهاز العصبي غير الإرادي الناتجة عن زيادة مستوى القلق حول المستقبل، وخوف الفشل والإحباط.

هذه الحالة تنتاب كثيرين ممن يمرون بهذه السنة الدراسية (من الجنسين) لاسيما أنها خلال مرحلة المراهقة، والتي تكون فيها المشاعر عرضة لعدم الاستقرار، والتقلب، والاستجابة لأدنى المثيرات.

يتفاوت تأثر الشباب بهذه الظروف والضغوط الدراسية، بحسب عوامل عدة منها الجوانب الإيمانية، والجوانب الاجتماعية.

من العوامل المهمة المتعلقة بقدرة الشخص على تحمل الأزمات النفسية سمات الشخصية، وصفاتها، وخصائصها. فهناك أشخاص أكثر عرضة من غيرهم لظهور الأعراض، وهم أولئك الذين لديهم الصفات التالية:

* النظرة المثالية الكمالية المبالغ فيها.

* عدم المرونة في التعامل مع الأحداث، والوقت، والنفس، والآخرين.

* الميل إلى التدقيق الشديد في الأمور، والانشغال الزائد بالتفاصيل الصغيرة الدقيقة لكل أمر بدرجة مبالغ فيها، يضيع معها الهدف المنشود من وراء هذا الأمر، أو يتعثر تحقيقه،أو يتأخر.

* المبالغة في لوم لنفس، وتأنيب الضمير حتى على أصغر الأمور سواء في التعامل مع النفس أو مع الغير.

إن حرصك على دراستك ومستقبلك العلمي أمر طيب ومرغوب، كما إن اهتمامك منذ بداية السنة الدراسية أمر محمود، لكن الخلل أن يتحول هذا الاهتمام إلى هم مجرد من الهمة والاستعداد، والبذل والاجتهاد، مما يجعل ذهنك مجهداً بسبب دوامة الأسئلة الملحة التي تؤرقك وتقلقك.

أما العلاج فيشمل:

* الازدياد من التوكل على الله تعالى، وتفويض الأمور إليه حاضرها ومستقبلها مع دعائه سبحانه بالتوفيق والسداد.

* الاجتهاد في بذل الأسباب ومنها حسن المذاكرة، وتنظيم الوقت، ومتابعة الدروس دون تأخير ونحو ذلك. فالتوكل مع بذل الأسباب يؤدي إلى انخفاض مستوى القلق لديك، ومن ثم تخف الأعراض التي تعانيها أو تزول تماماً.

* تجنب إجهاد النفس، والفكر، والبدن، وابتعد عن مراكمة الهموم ومضاعفتها وتضخيمها، ولا تكثر من القهوة والشاي، واسمح لنفسك بشيء من الترويح المناسب المباع بعض الوقت.

* يفضل أن تكون بالقرب من زملاء مجتهدين، ناصحين، صالحين، تنتفع بهم.

وفقك الله وسدد خطاك.

Free Web Hosting