29- اكتئاب طالب جامعي.

أرجو اعطائي فكرة عن مرض الاكتئاب النفسي. حيث إني (منذ فترة) أعاني من حزن وكآبة، وقد عرضت نفسى على عدد من الذين يعالجون بالأدوية الشعبية والرقية ولم أتحسن، علماً بأن تحصيلي العلمي في السنة الأخيرة ضعف كثيراً.

طالب جامعي- جامعة الملك سعود بالرياض

* الاكتئاب النفسي حالة مرضية تختلف عن الحزن الطفيف العارض الذي يحصل لمعظم الناس. ويعد الاكتئاب النفسي من أكثر الأمراض النفسية انتشاراً في العالم، ويصيب مختلف الأعمار من الجنسين.

وتتلخص أعراضه فيما يلي: (وليس بالضرورة وجود هذه الأعراض كلها)

- أعراض وجدانية: حزن وبكاء وإحساس بضيق في الصدر مع فقد المتعة وفقد الابتهاج بالأمور الباعثة للفرح والبهجة. إضافة إلى الإحساس بالملل والفراغ.

- أعراض فكرية ذهنية: ضعف في التركيز الذهني والحفظ والاستذكار، وتأنيب للضمير ويصحبه تحقير للنفس وقدراتها وشعور بالفشل والإحباط وتفوق الآخرين وأفضليتهم، ورؤية الماضي والمستقبل بمنظار أسود قاتم، والاعتقاد بأن الحياة مليئة بالصعوبات والعقبات والمشاق، وربما يفضل المكتئب الموت، وقد يستعجله لشدة ما يجد من الألم النفسي.

- أعراض جسدية: سرعة الاجهاد والخمول والكسل وآلام متنوعة في معظم أجزاء الجسم، وضعف الرغبة في الأكل والجنس ونقص الوزن والإمساك المزمن.

-أعراض سلوكية: بطء الحركة وانحسار في العلاقات الاجتماعية وعزلة عن المجتمع، وقلة اهتمام بالنظافة والهندام، وتأجيل الأعمال والمسئوليات أو الاعتذار عنها أو تفويض للغير.

أما أسبابه: فهناك عدة عوامل مرتبطة ببعضها لها دور في وقوع الاكتئاب وأهمها:

- العوامل الوراثية: أوضحت الدراسات النفسية أن لها دوراً في حدوث الاكتئاب لدئ بعض الناس، ودعمت نتائج هذه الدراسات، دراسات أخرى أجريت على التوائم المتماثلة (والتي تكون من بويضة واحدة وتشترك في الجينات).

لا يعني هذا بالطبع لزوم إصابة الشخص باكتئاب إذا كان أحد والديه أو إخوته مصاباً بالاكتئاب، وإنما يدل هذا على الاستعدادالوراثي لدى هذا الشخص لظهور المرض وأنه أكثر استعداداً من غيره ممن ليس في عائلته أحد مصاب بالمرض.

- العوامل الكيمائية الحيوية: ويقصد بها التغيرات التي تحدث في النواقل العصبية في الدماغ، فقد اتضح من خلال دراسات مستفيضة أن عدداً من النواقل العصبية (مثل: مادة سيروتونين ونورادرنالين ونحوهما) يقل تركيزها في بعض المراكز في الدماغ ويؤيد هذا التحسن الواضح الذي يتلو تصحيح هذه التغيرات الكيميمائية عن طريق الأدوية المضادة للاكتئاب والتي تعيد اتزان النواقل العصبية في الدماغ.

- العوامل النفسية والاجتماعية: هناك العديد من العوامل الاجتماعية والنفسية المرتبطة بالاكتئاب منها:

(أ)- الحرمان في الصغر من العاطفة الأبوية والحنان.

(ب)- وجود ضغوط نفسية مستمرة أو متتابعة أو حدوث مصيبة كبيرة للشخص.

(ج)- وجود شقاق بين الوالدين.

(د)- وجود صفات مهيئة للاكتئاب لدى الشخص مثل: المثالية الزائدة، والذقة الشديدة

في التعامل مع النفس والآخرين.

(هـ)- وجود بعض طرق التفكير الخاطئة والتي تؤدي إلى الإحباط المتكرر مثل: تضخم الأخطاء والزلات، وتقليل ا لإيجابيات.

- الآثار الجانبية لبعض الأدوية: مثل بعض أدوية الضغط، إذا استعملت لفترة، طويلةفقد تسبب الاكتئاب خاصة إذا كان لدى الشخص استعداد وراثي للمرض.

يحصر كثير من الناس أعراض الاكتئاب في الإصابة بالعين (الحسد)، ودليلهم يوجد سبب طبي عضوي يؤدي إلى البكاء والحزن وفقد الاستمتاع وباقي أعراض الا كتئاب وأن هذه الأعراض لا تعالج لدى الأطباء وإنما ينحصر علاجها بالأوراد والأذكار ونحو ذلك، ويعرضون عن طلب العلاجات الطبية رغم أنها من الأسباب التي أُمرنا بها وهي تنافي التوكل على الله واستعمال التوجيهات الشرعية الواردة.

وقد روى البخاري في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((التلبينة مجمة لفؤاد المريض، تذهب ببعض الحزن )). والتلبينة: نوع من أنواع الطعام.

وهناك العديد من الأدوية المضادة للاكتئاب والتي أجريت عليها الدراسات الوافرة الثلاثين سنة الماضية وأثبتت فاعليتها في علاج الاكتئاب خاصة إذا استعملت في وقت مبكر بعد ظهور الاكتئاب، ولا تؤدي هذه الأدوية إلى الإدمان (عكس ما يظنه الكثيرون) وليست تعمل على إحداث حالة فرح تضاد بها الاكتئاب وإنما تعيد التوازن في النواقل العصبية الدماغ فيزول الاكتئاب. ولا يقتصر العلاج على الأدوية بل هناك جلسات نفسية مع متخصص في العلاج النفسي، يقوم باستقصاء حالة المريض وتقييمها من جميع جوانبها ومعرفة جذورها وفروعها وآثارها ومن ثم السعي في تصحيح هذه الجوانب كلها.

وقد يزول الاكتئاب دون استعمال أي علاج (دوائي وغير دوائي) ولكن ربما تطول المرض فيتضرر المريض أو يضر غيره ولذا فالمبادرة بالعلاج مطلوبة. شفاك الله وأعانك

Free Web Hosting