37- وسواس قهري في الوضوء والصلاة

عمري ثلاثون سنة، متزوجة منذ ثماني سنوات ولدي ثلاثة أولاد وبنت. أسكن مع زوجي وأهله. ليس لدينا مشكلات اجتماعية وحالتنا المادية ميسورة ولله الحمد.

أعاني منذ سنوات وساوس متكررة في الوضوء، والصلاة، والاستحمام، فأعيد الوضوء أكثر من عشرين مرة، كلما انتهيت منه شعرت بوسواس شديد يدعوني إلى إعادة الوضوء.

أما الاستحمام فقد استغرق فيه ثلاث ساعات تقريباً، وعندما تشتد الحال أمضي خمس ساعات.

أقرأ الأوراد باستمرار، وأستعيذ بالله تعالى من الشيطان ووسوسته وقد استفتيت بعض أهل العلم فأرشدوني إلى المداومة على الاستعاذة بالله من الشيطان، وأن أكون على وضوء، وألا أستجيب لهذه الوساوس. ولكني لم أتمكن من التخلص منها إلى الآن مما أثر على وضعي في بيتي، ومع أبنائي وزوجي وأهله، وأخشى أن يكون عدم قدرتي على طرد هذه الوساوس بسبب قلة إيماني.

س. محمد- القصيم

* الوسواس أنواع ودرجات، فمنه الطفيف اليسير الذي يعرض لمعظم الناس ويزداد في الصلاة حيث يورد فيه الشيطان، على ذهن المصلي، أموراً تشغله وتلهيه عن الخشوع.. وهذا قابل للمقاومة (وذلك بصرف الانتباه عنه إلى ما سواه وتركيز الذهن، والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ووسوسته).

أما ما تعانينه فهو درجة شديدة من الوسواس المرضي، ويسمية المختصون النفسيون "الوسواس القهري "، حيث يقهر الوسواس الشخص ويغلبه رغم محاولة المريض الجادة في المقاومة والامتناع وقناعته التامة بخطأ سلوكه وعدم صحته.

هذا المرض منتشر بكثرة، ليس فقط في المجتمعات الإسلامية بل وفي غيرها من المجتمعات أيضاً. وله محاور يدور حولها تتمثل في مسائل النظافة، والعبادات، والاعتقادات. وقد يكون بشكل أفكار وسواسية ذهنية فقط دون تكرار عمل ما.

اجريت عشرات الأبحاث العالمية على هذا المرض لمعرفة أسبابه، وتم اكتشاف بعض العوامل المؤثرة في ظهوره وزيادته فمن ذلك:

* وجود استعداد وراثي لدى المريض (فكثير من مرضى الوسواس القهري لهم أقارب مصابون بالداء نفسه وإن تغير نوع الوساوس وشدتها).

* نقص بعض النواقل العصبية الحيوية في الجهاز العصبي- في الدماغ- سيما مادة "سيروتونين " ويؤيد هذا الاستجابة الملحوظة للأدوية التي تعمل على إعادة توازن هذه المادة (مثل دواء بروزاك وسبرام ونحوهما).

* للقلق والاكتئاب وطبيعة الشخصية أثر في ظهور الوسواس أو زيادته.

هذا المرض قابل للعلاج والشفاء سيما إذا تم اكتشافه في وقت مبكر، وبادره المريض بالعلاج اللازم على أيدي المختصين من أطباء واختصاصيين نفسيين ويشمل العلاج جوانب دوائية وجوانب غير دوائية منها طريقة منع الاستجابة وطريقة إيقاف الأفكار.

ونتائج هذه الطرق العلاجية جيدة جداً واستفاد منها (بحمد الله) كثير من المراجعين الذين اتعبهم الوسواس سنين طويلة. ومشكلة كثير من مرضى الوسواس القهري أنهم يخفونه فترة طويلة، أو يحاولون التغلب عليه لمجهود فردية كثيراً ما تفشل، فيستمر المرض ويصبح مزمناً وبعضهم يأتي لطلب العلاج مستعجلاً التحسن والذي قد يتأخر بعض الوقت.

لا تربطي بين عدم قدرتك على طرد هذه الوساوس القهرية ومستوى إيمانك، فهذا مدعاة لزيادة تأنيب الضمير لديك، وزيادة القلق والوساوس. وبادري بطلب العلاج وتوكلي على الله، وتصدقي وادعي.

يختلف الوسواس القهري عن الشخصية الموسوسة وكثيرا ما يتواجدان في الشخص نفسه ولكن وجود أحدهما لا يلزم منه وجود الآخر. شفاك الله وكتب أجرك.

Free Web Hosting