42- اضطراب ذهاني

أخي يعيش مع والده المنفصل عن والدته، وهو يعاني معاملة والده القاسية. كما يعاني غربته بين زوجة والده وأبنائها- إخوته- فهم يتعاملون معه بجفاء وإعراض.

قد تناول أخي حبوباً مسهرة تسمى "كنتاجون " لفترة ثم تركها، وأصبحت تنتابه الوساوس أحياناً، ثم استعملها مرة أخرى، فازدادت الوساوس عنده والهلاوس السمعية، وأصبح مع مرور الوقت يشك في زوجة أبيه وأولادها أنهم سحروه، وأصبح لا ينام إلا قليلاً. وقلت شهيته للطعام. كثيراً ما تنتابه حالة هياج فيصرخ في وجوه الآخرين ولا ينام. وهجر أصدقاءه. وأصبح لا يعبأ بأحد. فلم يعد يحترم والده الذي كان يخافه خوفاً لا يتصور. وصار يسمع أصواتاً ويتوهم أشياء غريبة. وقد أدخلناه مستشفى الطب النفسي فعولج وخرج ولكنه ما زال يستعمل العلاج، وبعد ثلاثة أشهر من خروجه أصبحت تنتابه حالة تشنج، بدأت بالتفاف الرقبة وتطورت حتى صار سواد عينيه يرتفع فلا يرى غير بياضهما، وبعد ذلك يفقد السيطرة على نفسه وتصرفاته فيجرح نفسه ويحاول إيذاءها، وتستمر هذه الحالة ساعات. بعد ذلك يتذكر ما جرى ولكنه يخجل من ذكره ويبدو عليه تأنيب الضمير. صرف له الأطباء حبوباً مضادة للتشنج يتناولها حين يشعر بأن الحالة ستأتيه فلا يحدث له شيء ولكن هذه الحالة أصبحت تنتابه يومياً بعد أن كانت في الاسبوع مرة أو مرتين، وزاد الدكتور جرعة الدواء المضاد للتشنج، ولكن لم يعد يجدي هذا الدواء، وما زالت الحالة تعاوده وإن كانت بصورة أخف.

سؤالي الآن.. ما هي حالة أخي؟ وهل العلاج فعال فنستمر معه.. وما سبب حالة التشنج.. وهل هناك أمل في شفائه؟

م. ن- الرياض

* هذه الأعراض تدل على وجود "اضطراب ذهاني " شديد أثر على التفكير والإدراك والسلوك بدرجة كبيرة. وأقرب تشخيص لحالة أخيك هو الفصام أحد أهم الاضطرابات الذهانية. ويحتمل أن يكون هذا الاضطراب الذهاني ناتجاً عن تناول تلك الحبوب المسهرة التي كان- وربما لا يزال- يتناولها، حيث أثبتت أبحاث ودراسات طبية نفسية كثيرة أن هذه الحبوب تسبب مثل هذا النوع من الاضطرابات النفسية، بل وأكثر من ذلك. وقد تكون حالته حالة اكتئاب شديد جداً أثر على وظائف التفكر والإحساس ووصل إلى مرحلة الذهان.

وعلاج هذه الحالة يتطلب تقويماً ومتابعة طبية ونفسية واجتماعية بمشاركة الأهل. وأخوك بحاجة ماسة إلى دواء مضاد للذهان، الذي يعد مرضاً خطيراً يصل بصاحبه إلى أن يعتدي على غيره أو أن يضر نفسه.

أما التشنج (تصلب الأطراف والرقبة وارتفاع العينين) الذي ذكرت فإنه أحد الأعراض المتوقعة للأدوية المضادة للذهان التي تحدث خفضاً لمادة "دوبامين " في بعض أجزاء الدماغ مما يزيد من أثر مادة أخرى تسمى "أستايل كولين " مسؤولة عن انقباض العضلات فتظهر أعراض التصلب ويصاحبها بعض الألم.

وهذا الأعراض رغم شدتها ووقعها على المريض وأهله لا تقارن بالآثار الإيجابية المدواء المضاد للذهان ولا توجب إيقاف الدواء، ويمكن التغلب عليها بالتحكم في الجرعة وخفضها إذا ظهرت الأعراض ثم إن هذه الأعراض في الغالب لا تستمر. وإنما تظهر في المراحل الأولى ثم تزول بالتدريج.

هناك أمل في تحسن حالة أخيك إلى درجة كبيرة، إذا أخذ بعين الاعتبار العلاج الشامل للنواحي النفسية والاجتماعية، (خاصة وضعه في البيت مع زوجة أبيه) وتمت المواظبة على الدواء رغم تلك الأعراض. أما الشفاء التام والعودة إلى حالته الطبيعية فعلمه عند الله تعالى، وهو قادر على ذلك.

أعانه الله وكتب له الشفاء.

Free Web Hosting