47- شخصية نرجسية (أنانية، متكبرة)

لي زميل دراسة في الكلية كان يعجبني فيه الاجتهاد والحرص على التفوق والمثالية والطموحات العالية، زاملته فترة ليست بالقصيرة ولكني غيرت رأيي فيه بعد أن تكشف لي من صفاته ما أزعجني ومن ذلك: الأنانية الزائدة والكبر واحتقار الآخرين وتعظيم نفسه بدرجة شديدة.

كثيراً ما يطلب مني خدمات فأقدمها له بكل سرور (رغم أني أجهد نفسي ويكون ذلك على حساب وقتي) ومع ذلك لا أجد مقابل ذلك أي بوادر شكر وعرفان.

حاولت تنبيهه بطريقة غير مباشرة لكني لم أجد إلا التعالي والغرور فتركته. هل الأنانية مرض؟ وهل تصرفي معه مناسب؟

خ. س.

* الإنسان السوي له رغبات وعنده قدوات فيسعى لتحقيق رغباته واستثمار طاقاته في حدود مالا يسبب له إشكالات في محيطه (ولا يتعارض مع القيم الدينية والاجتماعية...) والاعتداد بالنفس والحرص على مصالحها له مجال مقبول يذم ما فوقه وما دونه.

العلامات التي ذكرت في صاحبك تدل على علة في شخصيته (شخصية أنانية نرجسية حيث يتضخم مفهوم الذات عند الشخص ويفرط في الاعتداد بها ويعجب بنفسه وبقدراته وإنجازاته وممتلكاته ودراسته وتخصصه... إلخ.

يميل هؤلاء الأشخاص إلى الغرور والتباهي والكبرياء ويسعون لتضخيم أنفسهم أمام الآخرين ويتطلعون للفت أنظارهم بأي إنجاز يقومون به ويتفننون في استعراض أعمالهم وأحوالهم ويكثرون الحديث حول ذلك (بمناسبة وبدون مناسبة) ويهتمون بالشكليات والمظاهر وينسبون لأنفسهم حسنات الآخرين وإنجازاتهم ويحسدونهم عليها ويغارون بدرجة كبيرة من كل من حولهم ولا يريدون لأحد أن يبرز بجوارهم وليسوا مستعدين للبذل والعطاء للآخرين.

علاقاتهم انتهازية استغلالية تبرز فيها المصلحة الشخصية ولا يهمهم فقد صديق أو خسارة موقف المهم هو تحقيق أكبر قدر من المكاسب الذاتية ولا عبرة بمشاعر الآخرين و أحاسيسهم.

هؤلاء الأشخاص يعتبرون في الطب النفسي مرضى (لديهم اضطراب في الشخصية) وهم رغم الإنجاز الذي يحققونه في الغالب (في المناصب والألقاب والجاه والثروة) إلا إنهم يعانون داخلياً من عدم الاستقرار النفسي وتقلب المعنويات وسرعة انحرافها وتذبذبها بين التعالي واحتقار الذات وكثيراً ما يمرون بفترات اكتئاب أو قلق أو أرق ونحو ذلك.

أحسنت حين أدركت الجوانب السلبية في زميلك السابق وحين حاولت تنبيهه لها وأساء هو حينما قابل ذلك بالتعالي والغرور (وهذا هو المتوقع مع مثل هؤلاء لأنهم ينقصهما الاستبصار بحالهم فهم لا يدركون مدى أنانيتهم وعجبهم ولذا فعلاج هؤلاء صعب جداً)

لا تهجره كل الهجر ولا تبغضه كل البغض، أبتي بعض الصلة بينك وبينه فلعله يستفيد فيما بعد من توجيه تقدمه له سواء مباشر أو عن طريق رسالة أو صديق آخر قد يقبل منه أكثر منك.

ومهما كان فيه من سلبيات فإنك ستجد فيه إيجابيات تفيدك.

Free Web Hosting